إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 18 مايو 2008

* الثقافة ...بين الأدعاء والأبتلاء


* الثقافة ...بين الأدعاء  والأبتلاء
 
 

Image by StockSnap from Pixabay



 بلا شك أن الثقافة من أهم الأشياء فى الحياة التى تجعلنا نشعر بآدميتنا و أنسانيتنا و فكرنا فتباعا لمقولة أرسطو المأثورة (تحدث حتى أعرفك) فالحديث هو ما يعد المرآة للذات الأنسانية فمن خلاله نستطع الحكم على ثقافة الفرد ووعيه أو أدعاءه و حذلقته فالثقافة بمضمونها العام و الشامل هى أسلوب فكر و مضمون لغة وماهية فعل فالثقافة تمنحنا مذاقا خاص و أطار فكر منسق و منظم من خلال عنصر اللغة فالمثقف فى حياتنا اليومية ينقسم بدوره الى نوعان أحدهما يتسق و عقلية منظمة و أسلوب خاص وحوار متفرد يجمع بين السلاسة و العمق و ثانيهما الأدعاء فالمثقف المدعي بأدعاء الثقافة هو ذاك الذى نلمحه يقتنص من الآخرين ذات اللغة و الفكر و الحوار بل و الكلمات بنوعا من التكرار مرددا ما تم تناوله و تداوله بين الأخرين فثقافة الأدعاء ثقافة غير شرعية تنحو منحى اللصوصية فمدعي الثقافة مجازا يمكن أن يوصم باللصوصية فى الفكر من يتخذ من حوارات و كلمات وثقافة الأخرين نوعا من التقليد الأعمي و التكرار الممل و الرتيب فى محاولة أدعاءه الثقافة و من نماذج و أمثلة هؤلاء كثيرا ما تلمحهم يحادثون الآخرين عن أخر الكتب التى قاموا بقراءتها و الأمر فى مجمله لم يتعدى سوى كتاب على أرجح تقدير قد أتخذه ذاك المدعيى حجة و قرينة للتفاخر و التباهي و ما يجعله شخصية كاريكاتورية هو ترديده مثل الببغاء لما قد قام بقراءته دونما فهم أو وعيى أو أدراك فالقراءة تمنحنا مساحات من الفكر و الفكر الآخر ذاك التفاعل فيما بين ما نتناوله بالقراءة ووجهات نظرنا و فكرنا وأرائنا و قد نتفق و ووجهات النظر الأخرى للفكر الا أننا لا يجب أن نكن مرددين لما تم قراءته من كلمات نتشدق بها على سبيل التباهيى و المظهرة الفارغة ففى كل بقاع العالم قد يبدو مظهرا طبيعيا أن تلمح الكتاب الصديق و الرفيق لحامله تجده فى كل مكان و موضع ..الحدائق / عربات المترو/ القطارات ...الخ فالثقافة الخبز اليومي للشعوب الحاضرة و المتحضرة و هذا سر نجاحاتها و نبوغها وتفوقها و تميزها فالمثقف الواعي هو الذى يعلم بل الأحرى من يرغب العلم و التعلم و لا نعني هنا التعليم فى ذاته فكثيرا منا قد أتم دراسته الجامعية و قد يتلوها بدراسات عليا و قد يتلوها برسائل علمية أعلى كرسائل الماجستير و الدكتوراه و بالرغم من ذلك الا أن الأمر لا يعدو سوى محاولة للتباهي أو التفاخر أو الرغبة الجامحة فى بلوغ حرف الدال قبل الأسم فلا يعني بعض هؤلاء سوى تلك الرسائل و الحصول عليها بأى ثمن سواء للواجهة الأجتماعية للقب الدكتور ..الخ فالأمر على هذا النحو يعد نوعا من الأدعاء المقنن فالمثقف لا يعد معياره ما قد حصل عليه من شهادات و رسائل جامعية فالأمر قد لا يتعدى ثمة أوراق تعلق فى أطارها على الجدران اذ كان الهدف هو المباهاة و المظهرة الفارغة التى لا غرو أن نعلم كيفية الحصول عليها فهناك العديد من حملة الرسائل العلمية العليا التى لا تتذكر متى قام هؤلاء بالحديث عن رسائلهم العلمية فيما قاموا بتناوله و فيما واجهوه ؟ الا أن الأمر لدى الكثيرين و الذين حصلوا على رسائلهم العلمية من الخارج يقتصر الأمر على نوعا من الأرشاد السياحي أكثر منه حديث عن الرسائل العلمية و هو ما يعذو اليه كيفية الحصول على تلك الرسائل فى الخارج تحديدا فهنا ك مراكز خاصة تمنح تلك الرسائل الجاهزة دونما تعب أو مجهود بمقابل مادى و هو ما يبرر تلك الجهالة لدى البعض فيما تم الحصول عليه من جانبهم للرسائل العلمية فتجدهم لا يستطيعون محادثتك عن فحوى و مضمون الرسالة و كيفية الحصول عليها فهناك العديد من هؤلاء الذين يحادثونك عن حياتهم بأوروبا أو أمريكا أثناء بعثاتهم للخارج لنيل الدكتوراه و كأنك أمام مرشد سياحى على أقصى تقدير وهو ما يدعوك للتسائل فكيف يستطع شاب لا يعلم لغة أجنبية بل الأحرى لا يعلم لغته العربية فكيف يستطع الحصول على رسالة الدكتوراه بتلك اللغة الأجنبية بأستثناء بعض اللغات المتداولة مثل الأنجليزية و التى غالبية متداوليها و مستخدميها بل و ناطقيها قد لا يعلمون من قواعد تلك اللغة شيئا أو أن يعتريهم الأخطاء اللغوية دوما فكيف يتآتى لهم تحصيل العلم بها بل و الحصول على درجات العلم العليا كرسائل الماجستير و الدكتوراه خاصة و أن تحقيق المعادلات فى اللغة لا أظن بأنها تكفى الأمر و لذا فيعترينى العجب و الدهشة عند ما يسافر أحدهم لنيل درجة علمية فى أحدى الدول الأوروبية تحديدا خاصة اذ كان من مناطق قروية فكأنه أشبه بالساذج القروى الذى بهرته أضواء المدينة فكيف يمكن على مثل ذاك النحو دارس غير ملم باللغات الأجنبية أن يحصل على تلك الرسائل العلمية العليا فالدراسة لللغة شئ و الدراسة بها شيئا أخر و هو ما يبرر تلك الجهالة التى تعتري البعض من حملة تلك الرسائل العلمية و الذين لم يعلموا من لغات مثل الألمانية/الفرنسية/الأيطالية/الأسبانية /الروسية ..الخ سوى بضعة كلمات يتشدقون بها فى المناسبات كدلالة مصداقية تخالف الواقع و هو ذاك الأدعاء الثقافى الذى نتحدث بشأنه تحديدا ذاك الأدعاء الذى يتضح عندما يساق أحدهم الى حلبة صراع فكرى و جدل حوارى فيما يقرع الحجة بالحجة فالمثقف هو من يستطع أدارة دفة حوار دونما مساحة توقف لألتقاط جملة أو أقتناص فكرة من هنا أو هناك بأعتبار الشخصية المثقفة تتسم بالوعي و الفكر والموضوعية فى التناول لثمة قضايا أو حوارات أو مناقشات فالأدعاء نوعا من الهرطقة الحوارية و السفسطة دونما طائل لآثبات الوجود المنعدم و المتلاشي وجودا بالقوة و بالفعل و ما أكثرهم فى مجتمعاتنا العربية تحديدا التى يقاس درجة ثقافة الفرد بحصوله على الرسالة الجامعية و هو خطأ شائع دوما فالتعلم شيئ و الثقافة شيئا أخر فالجميع يمكن أن يطلق عليهم بنسبة ما متعلمون و لكن هناك قلة فقط يمكن أن يطلق عليها لفظ و مغزى و مبنى مثقفون و هؤلاء فى ظل الواقع المتردى و الذى تحكمه المادة فى أضطرار لأيثار العزلة و الصمت أستنادا الى ما جاء فى كتاب الله سبحانه بسم الله الرحمن الرحيم ( واذ ا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً ) صدق الله العظيم و لذا فأدعاء الثقافة أدعاءا ينحو منحي الأبتلاء فيما يمكن أن ينتج عنه من فوضوية الفكر و العشوائية بلا منطق أو تعقل و كأن الثقافة قد باتت مرتعا فى تلك الأونة بين الأدعاء و الأبتلاء..............ولا عزاء للثقافة و المثقفين....

ليست هناك تعليقات: